من الثاني الفاتحة وآية الكرسي وخاتمة البقرة.
وروى مسلم عن ابن عباس: أتى النبي صلى الله عليه وسلم مَلَك، فقال: "أبشِر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ".
وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر، قال: تردّدوا في الآيتين من آخر سورة البقرة: {آمن الرسول...} [البقرة: 285-286] إلى خاتمتها؛ فإن الله اصطفى بها محمدا –صلى الله عليه وسلم- .
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن كعب قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم أُعطي أربع آيات لم يُعطَهُن موسى، وإن موسى أُعطي آية لم يعطَها محمد. قال: والآيات التي أعطيهنّ محمد: {لله ما في السماوات وما في الأرض...} [البقرة: 284] حتى ختم البقرة؛ فتلك ثلاث آيات، وآية الكرسي. والآية التي أعطيها موسى: "اللهم لا تولج الشيطان في قلوبنا وخلّصنا منه، من أجل أن لك الملكوت والأيد والسلطان والملك والحمد والأرض والسماء، الدّهرَ الدّاهر، أبدا أبدا آمين آمين".
وأخرج البيهقي في الشُّعب عن ابن عباس قال: السبع الطوال لم يعطَهنَّ أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأُعطي موسى منها اثنتين.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس مرفوعا: "أعطِيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم" عند المصيبة: {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156].
ومن أمثلة الأول، ما أخرجه الحاكم عن ابن عباس، قال: لمَّا نزلت: {سبّح اسم ربك الأعلى} ، قال صلى الله عليه وسلم: "كلها في صحف إبراهيم وموسى"، فلمَّا نزلت: {والنجم إذا هوى} فبلغ: {وإبراهيم الذي وفى} قال وفى: {ألا تزر وازرة وزر أخرى} إلى قوله: {هذا نذير من النذر الأولى} [النجم: 1-56].
وقال سعيد بن منصور: حدثنا خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى.
وأخرجه ابن أبي حاتم لفظ: "نسخ من صحف إبراهيم وموسى".
وأخرج عن السُّدي قال: إن هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى مثل ما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الفريابي: نبأنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة: {إن هذا لفي الصحف الأولى} قال: هؤلاء الآيات.
وأخرج الحاكم، من طريق القاسم، عن أبي أمامة، قال: أنزل الله على إبراهيم مما أنزل على محمد: {التائبون العابدون} إلى قوله: {وبشر المؤمنين} [التوبة: 112] و{قد أفلح المؤمنون} إلى قوله: {فيها خالدون} [المؤمنون: 1-11] و{إن المسلمين والمسلمات..} الآية [الأحزاب: 35]، والتي في سأل: {الذين هم على صلاتهم دائمون} إلى قوله: {قائمون} [المعارج: 23-33] فلم يفِ بهذه السهام إلا إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: إنه - يعني - النبي صلى الله عليه وسلم لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} [الأحزاب: 45]، وحرزا للأميين ... الحديث.
وأخرج ابن الضُّريس وغيره، عن كعب؛ قال: فُتحت التوراة بــ: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [الأنعام: 1] وخُتمت بــ: {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} إلى قوله: {وكبره تكبيرا} [الإسراء: 111].
وأخرج أيضا عنه، قال: فاتحة التوراة فاتحة الأنعام: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور}، وخاتمة التوراة خاتمة هود: {فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون} [هود: 123].
وأخرج من وجه آخر عنه قال: أول ما نزل في التوراة عشر آيات من سورة الأنعام: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم...} [الأنعام: 151]إلى آخرها.
وأخرج أبو عبيد عنه، قال: أول ما أنزل الله في التوراة عشر آيات من سورة الأنعام: {بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل....} الآيات. قال بعضهم: يعني أن هذه الآيات اشتملت على الآيات العشر التي كتبها الله لموسى في التوراة أول ما كتب، وهي: توحيد الله، والنهي عن الشرك، واليمين الكاذبة، والعقوق، والقتل، والزنا، والسرقة، والزور، ومد العين إلى ما في يد الغير، والأمر بتعظيم السبت.
وأخرج الدارقطني من حديث بُريدة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأعلمنك آية لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري: {بسم الله الرحمن الرحيم}".
وروى البيهقي عن ابن عباس، قال: أغفل الناس آية من كتاب الله لم تنزل على أحدٍ قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون سليمان بن داود: {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأخرج الحاكم عن ابن ميسرة، أن هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم} أول سورة الجمعة.
***
فـــــائـــــدة
يدخل في هذا النوع –أي من أنواع علوم القرآن- ما أخرجه ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القُرظي، قال: البرهان الذي أُرِيَ يوسف ثلاث آيات من كتاب الله: {وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون} [الانفطار: 10-12] وقوله: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن..} الآية [يونس: 61]، وقوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت..} [الرعد: 33] زاد غيره آية أخرى: {ولا تقربوا الزنى} [الإسراء: 32].
وأخرج ابن أبي حاتم أيضا، عن ابن عباس في قوله: {لولا أن رأى برهان ربه} [يوسف: 24] قال: رأى آية من كتاب الله نهتهُ، مُثِّلَت له في جدار الحائط.