يكاد لا يخلو أي بيت من خناقات بين الزوج والزوجة، وهذا من سنن الحياة إذ يعتبر شيئا طبيعيا - خاصة في البداية- مهما كان التآلف بين شخصين يعيشان في نفس المكان يقضيان وقتا طويلا معا. فلا بد أن يثور بينهما الخلاف، ويقع الشجار بين حين وآخر.
والخلاف قد يكون عميقا بعيد الجذور، وقد يكون بسيطا لا عمق له، ومع ذلك فإن كل خلاف مهما كان حجمه صغيرا أو كبيرا، أساسيا أو عارضا ينطوي على لون من ألوان الانفصال العاطفي بين الزوج والزوجة. ولذلك فإن الأسلوب الذي يعالجان به الخلاف هو شيء بالغ الأهمية، لأنه أما أن يساعدهما على التقارب والوئام أو يدفع بهما إلى مزيد من التباعد والخصام. والمهم هو كيفية إدارة الخلاف ليأتي بعده الصلح.
وبعض الأزواج يخطئ النظر في تسوية الخلافات عندما ينظر إليها من ناحية النصر أو الهزيمة.. ما يهمه هو هزيمة الطرف الآخر وهو لا يدرك أن هذا الأسلوب هو أسوأ الطرق التي يمكن أن يلجأ إليها لتسوية أي خلاف بينه وبين زوجته.. ففكرة الانتصار في الخلافات الزوجية ليست في الواقع إلا وهما كبيرا.. وكل نصر يحرزه أحد الزوجين هو في نهاية الأمر هزيمة لكل منهما.
ويجب الحذر من الإساءات العاطفية القديمة وتغذيتها بعناية ثم دفعها إلى الظهور في اللحظة المناسبة، وفي معظم الأحيان لا يكون مثل هذا الموقف عملا إراديا بقدر ما هو عادة لا شعورية..
ولوضع حد لذلك لا بد أن نخرج تلك العادة من مستوى اللاشعور إلى مستوي الشعور، أو بمعنى آخر أن تكون على وعي بما يمكنك عندئذ من اتخاذ القرارات وتنفيذها.
ولا يتورع بعض الأزواج والزوجات في النيل من ثقة شريك حياته بنفسه أو اعتزازه بكرامته.. وهو في الحقيقة لا يكسب بذلك معركة، لأن المعركة تكون قد انتهت.. ولكي يحتفظ لنفسه بمكانته يحرص على أن تكون الكلمة الأخيرة له، وذلك في محاولة للنيل من شريك حياته غير مبال يما يصيبه من جراح وما يحدث... وكل ذلك من أجل الانتصار عليه فقط.
وقد يحاول أحد الزوجين متعمدا أو غير متعمدا أن يحول الحل الوسط إلى مناورة يتجنب بها خسارة معركته أو يحتفظ ببعض النقاط لحساب خلافاته المستقبلية. فهو يرى في أي تسوية أو حل وسط نوعا من الخسارة ونتيجة لذلك يطالب هذا الطرف متعمدا بما هو أبعد كثيرا مما يريد في الحقيقة.
والواقع أن مثل هذه المساومات تصلح في عقود العمل أو المفاوضات السياسية وليس في الخلافات الزوجية، وبين طرفين يعيشان تحت سقف واحد.
وإذا كانت بعض الخلافات ضرورية في كل زواج.. فكيف يستطيع الأزواج والزوجات إذن مواجهة خلافاتهم بطريقة بناءة.. باحثين عن الحل وليس عن الانتصار أو الفوز، ولأجل ذلك يجب على كل زوج وزوجة العمل بالنصائح التالية التي يلحّ عليها الأخصائيون في الطب النفسي:
اعرف الأسباب التي تختفي وراء أكثر خلافاتك وأشدها عنفا وحاول أن تعالجها.
لا تنظر إلي خسارتك في خلاف مع شريكك على أنها تعني فقدان احترامك لنفسك، فصفاتك الحميدة وشخصيتك المحترمة لا يمكن أن تذهب بها خسارتك لمعركة بينك وبين شريك حياتك.
تعلم فن المصالحة الفعالة... والمصالحة تكون من هذا النوع الذي يوافق عليها الطرفان... وليس من الضروري أن يكون الوفاق كاملا تماما..
وأخيرا...لا تنس أن الزواج مشروع تعاوني وليس مشروعا تنافسيا.. والهدف لا يكمن في معرفة من الذي على صواب أو على خطأ منكما... إنما الهدف هو الوصول إلى حل تستطيعان أن تعيشا في ظله سعداء لآخر العمر.